مقالات

نتنياهو يخطط لعملية كبرى داخل إسرائيل في ذكرى 7 أكتوبر تُنسب لـ حماس

✍️ يوحنا عزمي

كلما اقتربت ذكرى السابع من أكتوبر ، التاريخ الذي غير معادلات الأمن والسياسة في المنطقة ، يتزايد التوتر داخل إسرائيل ، ليس فقط بسبب الخوف من تكرار المشهد ، بل بسبب ما يخطط له بنيامين نتنياهو في الكواليس.

فالمشهد السياسي الداخلي مأزوم ، الشارع الإسرائيلي غاضب ، الضغوط الدولية تتزايد ، وحكومته على وشك الانهيار. في ظل ذلك ، يلوح في الأفق سيناريو أشد خطورة : افتعال عملية كبرى داخل إسرائيل نفسها ، تُنسب إلى «حماس» أو أطراف أخرى ، لتوظيفها سياسياً وأمنياً.

أولاً : الأزمات التي تدفع نتنياهو نحو المغامرة

العزلة الدولية : إعتراف عدة دول كبرى بالدولة الفلسطينية شكل ضربة إستراتيجية لإسرائيل ، فيما تقود أوروبا حملة عقوبات محتملة ضد حكومة نتنياهو.

الغليان الداخلي : عائلات قتلى 7 أكتوبر والمتظاهرون في تل أبيب والقدس يطالبون بإسقاط الحكومة ، ويتهمون نتنياهو بالخيانة والتقصير.

المحاكمة والفساد : الملفات القضائية المفتوحة ضد نتنياهو تجعله في سباق مع الزمن ؛ إما أن يظل في الحكم ويؤمن حصانته ، أو يسقط ويواجه السجن.

فشل الحرب على غزة : رغم آلاف القتلى والدمار الشامل ، لم تستطع إسرائيل كسر المقاومة ، بل باتت صورتها الدولية في الحضيض.

هذه العوامل مجتمعة تدفع نتنياهو للبحث عن “صدمة كبرى” تعيد له زمام المبادرة.

ثانياً : سيناريو العملية الكبرى

هناك مخاوف متزايدة من أن تقوم أجهزة إسرائيلية بتدبير هجوم داخلي ضخم ، قد يكون على أحد المستوطنات أو المرافق الحيوية (محطة قطار ، مطار ، أو مجمع تجاري) ويتم إلصاقه بحركة «حماس» أو خلايا مرتبطة بها.

الهدف من ذلك : إعادة إنتاج صدمة 7 أكتوبر لشد المجتمع الإسرائيلي حول الحكومة.

تبرير إستمرار الحرب على غزة وعدم التوجه لوقف إطلاق النار.

تشويه صورة المقاومة عالمياً وإقناع الغرب أن الخطر لا يزال قائماً.

الهروب من الداخل الملتهب عبر خلق حالة “طوارئ وطنية” توقف الاحتجاجات ضده.

ثالثاً : لماذا ذكرى 7 أكتوبر بالذات؟

ذكرى الهجوم على غلاف غزة أصبحت عقدة نفسية وأمنية لإسرائيل. أي حادثة جديدة في هذا التوقيت ستكون لها رمزية مضاعفة ، وستُستغل كرسالة للعالم أن “إسرائيل مهددة دائمًا”، وللداخل الإسرائيلي بأن الحكومة وحدها القادرة على حماية الدولة.

نتنياهو يدرك أن الذاكرة الجمعية للإسرائيليين ستُستفز بسهولة في هذا اليوم ، ما يجعله التوقيت الأمثل لخلط الأوراق.

رابعاً : البُعد الدولي للسيناريو

إدارة ترامب قد تجد في هذه العملية ذريعة لتبرير دعم أكبر لإسرائيل ، خاصة إن تم تصويرها كـ”هجوم إرهابي جديد”.

أوروبا : أي عملية منسوبة لـ«حماس» ستعطي ذريعة للغرب المتردد لمعاداة الإعتراف بفلسطين أو لتجميد خطوات دبلوماسية جديدة.

العالم العربي : سيضع الدول التي بدأت تتحرك دبلوماسياً في مأزق ، إذ سيُتهم أي دعم لفلسطين بأنه دعم لـ”الإرهاب”.

خامساً : مخاطر اللعبة الإسرائيلية

لكن هذه المغامرة محفوفة بالمخاطر :

إذا تسربت أي معلومة عن ضلوع الأجهزة الإسرائيلية في العملية ، ستكون فضيحة تضاهي ووترجيت.

فقدان ثقة الداخل : المجتمع الإسرائيلي يعيش حالة صدمة من فشل أجهزته الأمنية ؛ أي تلاعب جديد قد ينقلب على نتنياهو نفسه.

ردود المقاومة : استغلال اسم «حماس» في عملية مفبركة قد يدفع المقاومة للرد الحقيقي ، ما يفتح جبهات جديدة لا طاقة لإسرائيل بها.

سادساً : الدروس من التاريخ

لم يكن هذا السيناريو جديداً في التاريخ الإسرائيلي :

حادثة لافون (1954): حيث نفذت الاستخبارات الإسرائيلية عمليات تفجير في مصر ونسبتها لجماعات محلية لجر الغرب للتدخل.

حرب لبنان 1982: افتعلت ذريعة لشن الحرب وتوسيع النفوذ شمالًا.

إذن ، استخدام “الأكاذيب الأمنية” ليس غريباً على المؤسسة الإسرائيلية.

لعبة النار قد تحرق صاحبها

إذا أقدم نتنياهو على تدبير عملية كبرى داخل إسرائيل في ذكرى 7 أكتوبر ، فإنه يلعب أخطر أوراقه. قد ينجح في حرف الأنظار مؤقتاً ، لكنه يضع إسرائيل كلها على حافة هاوية أخلاقية وسياسية. فالعالم تغير ، والإعلام المستقل قادر على كشف الخداع بسرعة ، والمجتمع الإسرائيلي لم يعد يبتلع الروايات الرسمية بسهولة.

إنها لعبة نار قد تحرق نتنياهو قبل غيره ، وتجعل ذكرى 7 أكتوبر لا تتحول فقط إلى يوم هزيمة إسرائيل ، بل إلى يوم سقوط أسطورة الزعيم الذي حاول إنقاذ نفسه بالدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!