✍️ يوحنا عزمي
في مشهد دبلوماسي استثنائي ، نجح الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم في تحقيق إنجاز تاريخي بوصفه الوسيط الضامن لاتفاق أعاد صياغة العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الاتفاق ، الذي جاء بعد وساطة بدأت منذ أغسطس الماضي، لم يكن سهلًا في ظل انسداد أفق الحوار بين الطرفين وتفاقم التوترات الدولية ، لكنه تحقق بفضل مكانة مصر وإشراف السيسي المباشر على تفاصيل المفاوضات ، وهو ما أكده مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسه بقوله إن النجاح الذي تحقق ما كان ليحدث لولا الدور المصري ورعاية الرئيس.
منذ اللحظة الأولى أدرك السيسي أن استمرار حالة الجمود سيقود إلى سيناريوهات أكثر خطورة ، وأن غياب الحوار يعني مزيدًا من التصعيد الإقليمي وتهديدًا لاستقرار العالم وأمن الطاقة. لذلك تولى الملف بنفسه ، واضعا مصر في موقع الحكم النزيه الذي يمنح الأطراف المتصارعة ثقة في أن العملية التفاوضية لن تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات أو فرض الإملاءات.
لقد قدمت القاهرة منصة آمنة ومحايدة ، وفرت الغطاء السياسي والضمانات العملية اللازمة حتى تثمر المفاوضات عن نتائج ملموسة.
الإعلان الصادر اليوم يمثل نقطة تحول في مسار واحد من أعقد الملفات الدولية. الاتفاق الجديد يتضمن استئناف التعاون الفني بين إيران والوكالة ، وفتح المواقع النووية للتفتيش وفق آليات محددة ، مع جدول زمني للتنفيذ يضمن بناء الثقة المتبادلة. هذا التطور لم يأت من فراغ ، بل من إدارة مصرية حذرة ودقيقة ، استطاعت أن تحول لحظة الانسداد إلى فرصة لصياغة واقع جديد.
نجاح الوساطة المصرية لا يقتصر على كونه إنجازا دبلوماسيا فحسب ، بل يعكس أيضا عودة القاهرة إلى موقعها الطبيعي كقوة إقليمية قادرة على صياغة التوازنات وحماية الاستقرار الدولي. مصر لم تعد مجرد متفرج على صراعات الآخرين ، بل أصبحت صانعة للتفاهمات ، تقدم نموذجا في الحنكة السياسية والرؤية الاستراتيجية التي يفتقدها العالم في لحظات الانقسام.
هذا الاتفاق التاريخي سيبقى شاهدًا على أن مصر ، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي ، تستطيع أن تحول الملفات المستعصية إلى فرص للسلام ، وأن صوتها لا يزال قادراً على أن يكون مرجعية في عالم يموج بالصراعات.
ولعل الرسالة الأهم التي يتركها هذا الإنجاز هي أن مصر ، حين تتحدث بلغة العقل والإنصاف ، تستطيع أن تصنع الفارق وتغير مجرى الأحداث.