✍️ يوحنا عزمي
كل المؤشرات تكاد تنطق بأننا بصدد حرب كبيرة وخطيرة في الشرق الأوسط ، وان ما كان يجري الإعداد له في إسرائيل منذ فترة من سيناريوهات حرب ضد إيران وحزب الله في لبنان ، اخذ يقترب بسرعة مع عملية طوفان الأقصي التي تبنتها حماس ، من مرحلة التنفيذ.
ومع حكومة الصقور المتطرفين من مدنيين وعسكريين التي تحكم إسرائيل حاليا تحت قيادة نتنياهو بنزعته اليمينية المتشددة ، فأنه لم يعد ثمة مجال للتراجع او التردد في خوض هذه المواجهة مع إيران لأن الوقت يمضي لغير صالح إسرائيل ، ولأنه لم يعد هناك ما يمكن لحكومته ان تراهن عليه بتأجيل حسمها للملف الإيراني الذي تضعه علي قمة شواغلها الأمنية وتعتبره الأولوية الإستراتيجية التي تسبق في أهميتها كل الأولويات الأخري .
علي ان برنامج إيران النووي لم يعد هو اكثر ما يحرك مخاوف إسرائيل الأمنية كما كان الحال قبل فترة ، ولكن ما يخيفها حقيقة هو أذرع إيران الطويلة التي تطوق إسرائيل من كل إتجاه والتي تمتد من غزة إلي لبنان وسوريا واليمن والعراق وبقدرات هجومية كبيرة يصعب تحديد مداها الحقيقي ، وهي القدرات التي باتت تشكل تحديا خطيرا لقدرة إسرائيل علي الردع والدفاع كما لم يحدث من قبل في تاريخها.
هذا بالإضافة إلي قدرات إيران الهجومية المتعاظمة من الصواريخ الباليستية بعيدة المدي والمسيرات التي قامت بدور كبير في الحرب الأوكرانية إلي جانب روسيا التي تساهم في تطويرها تكنولوجيا لرفع كفاءتها القتالية علي ضوء تجربة استخدامها ميدانيا .. هذه كلها هي مصادر خوف إسرائيل من إيران والتي تأتي عملية طوفان الأقصي الأخيرة لتضاعفها وتؤكدها لما لحماس من علاقات وثيقة مع إيران وحزب الله.
إسرائيل تعيش الآن أجواء حرب حقيقية ، مع حكومة حرب واقتصاد حرب وإعلام حرب ومع غليان وتذمر داخلي غير مسبوق بعد الزلزال الأمني الأخير الذي نزع من الإسرائيليين الإحساس بالأمان وبالثقة في قدرة مؤسستهم العسكرية علي توفير الحماية الأمنية الفعالة لهم ، والحرب التي يعيش الإسرائيليون اجواءها الصعبة الآن ، هي حرب وان كانت بدايتها في غزة لتدمير قواعد المقاومة المسلحة فيها بهذا المستوي المخيف من القوة المفرطة ، إلا ان دوائرها وجبهاتها سوف تكون أوسع بكثير من غزة بل ومن الأراضي الفلسطينية المحتلة كلها.
وما يرفع من هذا الإحتمال في اعتقادي هو ان كل القوي السياسية والحزبية في إسرائيل من اكثرها عدوانية إلي اقلها تطرفا تدعم هذا التوجه نحو الحرب الشاملة ضد إيران وتوابعها في المنطقة ، والذي تري فيه الحل الجذري لمعضلات إسرائيل الأمنية المتفاقمة والذي لم يعد يجدي فيه حصر المواجهة المسلحة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وحدها وهو ما ثبت فشله بعد العملية الأخيرة التي وضعت أمن إسرائيل بل وجودها نفسه علي المحك.
وعليه استطيع ان اقول ان ضرب إيران واذرعها المسلحة وفي مقدمتهم حزب الله في لبنان ، لم يعد سوي مسألة وقت لا اكثر ، وهذا هو ما اتصوره .