مقالات

غزة نقطة البداية لمخطط أمريكي إسرائيلي لتغيير خريطة الشرق الأوسط

✍️ يوحنا عزمي 

هذه رسالة موجهة مني الي من لا يزالوا مصرين علي رؤية ما يجري في غزة من زاويته الضيقة ومن ان المستهدف بهذا كله هو حماس والمقاومة الفلسطينية ، وان الصدام المسلح الذي يجري بين اسرائيل وبينهم بهذا المستوي من العنف المفرط سوف يبقي محصورا بينها وبينهم الي آخر ما نسمعه. منهم وتعبر عنه ردود افعالهم ، الخ.

وهنا اقول ان حماس كانت نقطة البداية او الإنطلاق في مخطط أمريكي إسرائيلي خبيث وخطير للغاية ، بدأ مع إطلاق حماس لعملية طوفان الأقصي ، لكنها ، واعني حماس ، لم تكن نهايته ، لأن نهاية هذا المخطط تبقي مفتوحة علي كافة الإحتمالات والسيناريوهات التي لا يزال الكثير منها في طي المجهول لا نعلمه ولا ندريه علي حقيقته ولا نعرف كيف ولا متي سوف ينتهي .. سواء توقفت الحرب في غزة او استمرت.

ولكي نري الأمر من زاويته الواسعة ، نقول ان الحرب علي غرة فجرت معها وبتخطيط جاهز ومعد سلفا ، زلزالا سياسيا وأمنيا عنيفا في المنطقة برمتها وهو زلزال بدأ من غزة وامتدت توابعه إلي لبنان وسوريا واليمن وقد تمتد إلي إيران ، وهو ما احدث خللا امنيا خطيرا في معادلات وتوازنات القوة الإقليمية بشكل غير مسبوق .. وها هي الفوضي الداخلية بدات تضرب تركيا وتهز استقرارها وتنذر بعواقب سياسية وخيمة قد يصعب بمداها وبما يمكن ان تفضي إليه في الوقت الحالي.

وقد لا تكون هذه الفوضي والاضطرابات السياسية المتفاقمة من صنع الداخل وحده ، وانما قد يكون للاصابع الخارجية يد فيها .. وقد تكون مصر داخلة ايضا في دائرة الاستهداف الأمريكي الإسرائيلي حتي تكتمل الدائرة ، ويتم الدفع بالشرق الأوسط كله في الإتجاه المرسوم له .. وهي كلها أمور لا علاقة لغزة او لحماس بها وانما هي جزء من لعبة الأمم المعروفة والتي تقوم اجهزة المخابرات الخارجية بالدور الاكبر فيها.

ما يجري حاليا في الشرق الأوسط يضعنا من جديد أمام سيناريو مشابه كثيرا لما فعلوه مع الإتحاد السوفيتي في الثمانينات ، وكانت بداية انفجار الزلزال منه هو نفسه بالطريق الذي رسموه للزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف ودفعوه إليه ، ثم امتدت توابعه إلي مجموعة حلفائه في أوروبا الشرقية وحلف وارسو الذي تلاشي وانتهي ، وبعدها عادت توابع الزلزال وارتدت إلي الإتحاد السوفيتي نفسه من جديد لتنتهي بتفكيكه وتقسيمه بانفصال معظم جمهورياته عنه ، وباغراقه في الفوضي السياسية والاقتصادية التي كادت تدمره ، وبتخليه عن ايديولوجيته الماركسية وعن نظامه السياسي وبحذف الحزب الشيوعي من حياته السياسية نهائيا ، وبانهياره كقوة عظمي وكركيزة أساسية من ركائز توازن القوي العالمي. ولتنفرد امريكا بزعامة النظام الدولي الجديد.

فالسياق متشابه جدا في أهدافه ونتائجه وان اختلفت التفاصيل وسيناريو الإخراج تبعا لظروف كل حالة. وكان وراء هذا المخطط التآمري الخطير عدد من الرؤساء الجمهوريين في الحالتين : رونالد ريجان وجورج بوش الأب في الثمانينات والآن دونالد ترامب … ومن خلفهم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية .. بكل ما تحوزه من قدرات وامكانات ومن اذرع لها منتشرة في كل مكان. فهي العقل المفكر والمدبر. والحكومات هي التي تنفذ. ويوم تفتح هذه الوكالة خزائنها لتبوح بأسرارها فقد يتهاوي الكثير ويقع علي الأرض من فرط الصدمة التي سوف يحدثها.

 ولهذا اقول لاصدقائنا هنا ، نرجوكم ألا تاخذوا الأمور بكل هذه الحساسية المبالغ فيها بحديثكم منذ انفجار طوفان الأقصي بأن المستهدف من هذا كله هي المقاومة التي تقودها حماس في غزة ، وهذا ليس صحيحا. لأن ما جري في واقع الأمر هو استخدامها كذريعة وسبب وكحلقة واحدة في مخطط متعدد المراحل والحلقات لتغيير الشرق الأوسط كله .. وكما قلت مخطط عرفنا بدايته لكن نهايته تبقي في علم الله. ولأنه مع أمثال هؤلاء الشياطين في واشنطن وتل ابيب تبقي كل الإحتمالات واردة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!