مقالات

إنكشاف إسرائيل أمام العالم : 48 ساعة هزت صورة “الكيان” وأطلقت موجة فضائح غير مسبوقة

✍️ يوحنا عزمي

في ظرف يومين فقط ، عاشت إسرائيل واحدة من أسوأ موجات الإهانة الإعلامية والسياسية في تاريخها منذ إعلان قيامها. خلال ثمان وأربعين ساعة ، تحول الكيان الصهيوني إلى مادة للسخرية ، والعناوين ضده تصدرت الصحف والقنوات حول العالم ، بعدما تكشفت سلسلة من الفضائح والمواقف التي كشفت انهيار صورتها تماماً أمام الرأي العام الدولي.

فلنبدأ من البداية ، خطوة بخطوة ، لأن ما جرى يستحق أن يُروى بتفاصيله الدقيقة 

الفضيحة الأولى : مباراة كرة قدم تتحول إلى محكمة إدانة عالمية

كانت المباراة المقررة بين منتخب النرويج ونظيره الإسرائيلي ضمن تصفيات كأس العالم 2026 ، حدثاً رياضياً عاديًا يفترض أن يمر بهدوء في العاصمة أوسلو .. لكن ما حدث هناك تجاوز كل التوقعات.

قبل انطلاق المباراة ، كانت المدينة تغلي. آلاف النرويجيين خرجوا في مظاهرات ضخمة غير مسبوقة ، رافعين الأعلام الفلسطينية ومرددين هتافات تطالب بطرد إسرائيل من تصفيات كأس العالم، تمامًا كما جرى مع روسيا عقب غزوها لأوكرانيا. المشهد كان صادماً : الشوارع مملوءة بالحشود ، الشرطة تغلق الطرق المؤدية للملعب ، وحالة تأهب أمني غير مسبوقة في تاريخ الرياضة النرويجية.

ولم تتوقف الصدمة هنا. سكان المباني المحيطة بالملعب خرجوا من شرفاتهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية أمام عدسات الإعلام العالمي. كانت الصورة مبهرة : أصوات الهتاف ترتفع، وأعلام فلسطين ترفرف في وجه الكاميرات التي بثت المشهد إلى ملايين المشاهدين حول العالم.

وفي داخل الملعب ، ساد مشهد لم يكن ليُصدق قبل عامين فقط.

عدد مشجعي المنتخب الإسرائيلي لم يتجاوز العشرين فردًا وسط مدرجات ممتلئة بمناصرين لفلسطين. وحين عُزف النشيد الصهيوني، تحوّل الملعب إلى عاصفة من الصفير والاستهجان حتى طغى الصوت الجماعي على موسيقى النشيد نفسه.

لقد كان ذلك أكثر من احتجاج… كان إهانة رمزية تمزق “هيبة” إسرائيل أمام أعين الملايين.

أما النتيجة ، فكانت قاسية : هزيمة مذلة بخمسة أهداف نظيفة ، اثنان منها بأقدام لاعبين من الفريق نفسه ، أحدهما عربي من الداخل الفلسطيني قيل إنه سجله عن عمد احتجاجاً.

وفي اللحظة التي ظن فيها الجميع أن الفضيحة انتهت ، جاءت الضربة القاضية :

كل عائدات المباراة تم التبرع بها لدعم غزة عبر منظمة “أطباء بلا حدود”.

المشهد ، ببساطة ، كان إعلاناً عالمياً بانهيار التعاطف مع إسرائيل ، وبداية عزلتها في الفضاء الرياضي والأخلاقي.

الفضيحة الثانية : جيش الإحتلال يعترف بخسائر كارثية

بعد يوم واحد فقط ، خرج المتحدث الرسمي باسم جيش الإحتلال في مؤتمر صحفي نقلته وسائل الإعلام العالمية، معلناً اعترافاً تاريخياً :

أكثر من 20 ألف جندي إسرائيلي أُصيبوا في معارك غزة.

رقم صادم بكل المقاييس ، ينسف أكاذيب المؤسسة العسكرية التي ظلت لأشهر تقلل من خسائرها ، مدعية أن أعداد المصابين لا تتجاوز الألف.

لكن الإعتراف هذه المرة جاء من فمهم هم ، ومعه أرقام مرعبة :

56% من المصابين يعانون اضطرابات نفسية حادة واكتئاب ما بعد الصدمة.

45% إصاباتهم جسدية ، كثير منها عجز دائم.

و64% من هؤلاء من جنود الاحتياط الذين تم تجنيدهم قسرًا في الأشهر الأخيرة.

لقد اعترفت إسرائيل رسمياً بأنها تخوض حرب استنزاف خاسرة ضد مقاتلين يمتلكون أسلحة بدائية. مقاومون بملابس بسيطة وذخيرة محدودة استطاعوا أن يطيحوا بعشرات الآلاف من جنود واحدة من أقوى الجيوش في العالم وأكثرها تجهيزًا.

الأمر لم يعد يُخفى .. فحتى الإعلام الإسرائيلي نفسه بدأ يقر بأن الحقيقة أكبر وأخطر من كل ما حاولوا إنكاره.

الفضيحة الثالثة : إنتظار يوم الحساب الإعلامي

الضربة الثالثة لم تأتِ من الخارج ، بل من الداخل الإسرائيلي نفسه.

فالصحافة العبرية تعيش حالة ذعر جماعي، إذ تستعد خلال الأيام المقبلة لرد فعل عالمي هائل بعد انتهاء الحرب ورفع الحظر عن دخول الصحفيين الأجانب إلى قطاع غزة.

الصحفي والمحلل الإسرائيلي “إيتامار إيشنر” كتب مقالًا في يديعوت أحرونوت وصف فيه ما سيحدث قريبًا بأنه “زلزال أخلاقي”، مشيرًا إلى أن الصور القادمة من غزة ستُظهر دمارًا يفوق ما حدث في هيروشيما بعد القنبلة الذرية.

قال إيشنر إن العالم سيفقد أي تعاطف مع إسرائيل بمجرد أن يرى الحقيقة المجردة:

مدن محطمة ، جثث تحت الركام ، وشهادات مؤلمة من أحياء غزة الذين نجوا من الجحيم.

ومع انتشار تلك المشاهد عبر السوشيال ميديا ، التي لم تعد إسرائيل تسيطر عليها ، ستتضاعف الدعوات لعزلها سياسياً وثقافياً واقتصادياً.

بلغة أوضح : إسرائيل تسير نحو عزلة دولية خانقة ، وستُعامل كـ”منبوذة البشرية”.

ما تعيشه إسرائيل اليوم هو إنهيار شامل في صورتها أمام الرأي العام العالمي.

كل حملات التلميع التي أنفقت عليها مليارات الدولارات تبخرت أمام واقع لا يمكن تزويره بعد الآن :

كيان يحتل ، يقتل ، ويكذب ، ثم يتباكى على “أمنه”.

لقد تحول الكيان إلى نموذج للعدوان المكشوف ، وصار الدفاع عنه عبئاً أخلاقياً على كل من يحاول تبريره.

العالم يتغير … والبوصلة تميل شرقاً 

وفيما تتخبط إسرائيل في عزلتها ، تشتعل في الجهة  الأخرى من الكوكب نذر صراع جديد بين أفغانستان وباكستان ، وسط مؤشرات على حرب بالوكالة تتقاطع مع الصدام الإقتصادي المتصاعد بين أمريكا والصين.

العالم يدخل مرحلة غليان جديدة ، وإسرائيل – التي كانت يوماً مركز الاهتمام الغربي – أصبحت الآن عبئاً ثقيلًا حتى على حلفائها.

خلال 48 ساعة فقط ، تهاوت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وتهاوت معها صورة “الدولة الديمقراطية النموذجية”.

انكشفت الأكاذيب ، وبدأت مرحلة جديدة : مرحلة سقوط الأسطورة الإسرائيلية أمام عدسات العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!