مقالات

هل تقف مصر وإسرائيل على أعتاب حرب جديدة ؟

✍️ بقلم : يوحنا عزمي 

العلاقات بين القاهرة وتل أبيب وصلت الآن إلى أعلى منسوب توتر منذ حرب أكتوبر ، وفي الساعات المقبلة قد نجد أنفسنا فعليا على حافة صدام عسكري مباشر بين البلدين.

ما الذي يحدث الآن؟

خلال الساعات الماضية تصاعدت اتهامات سياسية وعسكرية خطيرة بين إسرائيل ومصر، وخرجت تقارير صحفية أمريكية وإعلام عبري تزعم أن القاهرة تبني بنية عسكرية هجومية في سيناء وتُحرك أسلحة ثقيلة داخل مناطق يفترض أن تظل منزوعة السلاح بموجب ترتيبات السلام.

هذه الاتهامات لم تقتصر على التصريحات الصحفية فقط، بل شملت طلبا رسمياً – بحسب التقارير – من جانب إسرائيل للولايات المتحدة للتدخل ووقف ما وصفته بـ«التهديد المصري» قبل أن يتطور إلى تصعيد يهدد أمن المنطقة بأسرها.

تفصيل الاتهامات : ماذا قيل بالضبط؟

بحسب تقارير أكسيوس ووسائل إعلام عبرية ، فقد سلم رئيس الوزراء الإسرائيلي (حسب التقارير) قائمة اتهامات خلال زيارة ماركو روبيو للأراضي المحتلة، تضمنت نقاطا حادة مثل :

حشد عسكري مصري في سيناء ونقل قوات ومعدات قتالية إلى محاور حساسة (فيلادلفيا ، موراج ، ومعبر رفح من الجانب الفلسطيني).

توسعة مدارج قواعد جوية في سيناء لتستوعب طائرات مقاتلة متقدمة وبناء منشآت تحت أرضية يُزعم أنها قد تُستخدم لتخزين صواريخ بالستية (وهو ادعاء قيل إنه يفتقر إلى دليل قاطع).

إختراق مناطق منزوعة السلاح بنقل معدات ثقيلة إلى مواقع محظورة بموجب اتفاقية كامب ديفيد.

رد الفعل الأمريكي – وتفاصيل صفقة السلاح التي طفت على السطح.

في الوقت نفسه ، تخللت السردية أن الولايات المتحدة – التي يفترض بها أن تكون وسيطاً محايداً – باتت في موقع ضغط أكثر منه وساطة، وذلك بعد انتشار خبر عن موافقة محتملة لوزارة الخارجية الأمريكية على بيع نظام دفاع جوي متطور من طراز NASAMS لمصر بتكلفة تُقدر بنحو 4.67 مليار دولار.

الملاحظة المهمة هنا : الموافقة المنشورة ليست جديدة بالضرورة – فبحسب المراجعات، كانت الموافقة موجودة منذ شهور (حوالي ستة أشهر على الأقل) والصفقة متوقفة منذ ذلك الحين ، لذا فإن تسريب الخبر وتداوله في الإعلام العبري قد يُنظر إليه كجزء من حملة إعلامية تهدف للضغط على القاهرة سياسياً ودبلوماسياً.

حرب إعلامية واستخباراتية : لماذا تنتشر هذه الأخبار الآن؟

التسريبات والتقارير لا تأتي في فراغ ؛ بل تبدو كأنها أدوات في حرب معلوماتية واسعة الهدف منها إحراج مصر وخلق رواية دولية تصوّر القاهرة كمصدر تهديد.

نشر تفاصيل عن صفقة سلاح معلقة أو مزاعم عن منشآت سرية في سيناء كل ذلك يخدم صياغة ضغط شعبي ودولي يبرر إجراءات لاحقة.

مزاعم اختراق الحدود بالطائرات المسيرة

أشارت تقارير عبرية (من قناة كان ) وصحيفة إسرائيل هايوم) إلى أن نحو كبير من الطائرات المسيرة (قيل أكثر من 100 خلال شهر واحد) اخترقت المجال الجوي من سيناء إلى الأراضي المحتلة، وبعضها كان مُحملاً بأسلحة وممنوعات.

ونقلاً عن هذه التقارير ، اعتراف مرضي بأن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تواجه صعوبات في إحباط معظم هذه الاختراقات ، ما يجعله تحدياً أمنياً حقيقيا في نظر تل أبيب.

نشر هذه الأرقام الآن يخدم هدفا واضحا : تصوير الحالة الأمنية للإسرائيليين على أنها مهددة مباشرة من سيناء.

الرد المصري : نفي وتحصين للحدود واستعدادات احترازية فور ظهور هذه الاتهامات ، صدرت ردود مصرية تنفي كل المزاعم – وفقا لتقارير صحفية مثل جريدة «الأخبار» اللبنانية التي نقلت عن مصدر عسكري رفيع النفي الكامل للاتهامات، مؤكدة أن القاهرة لم تُفتح معها أية ملفات بهذا الشأن مؤخرًا من واشنطن.

وأوضحت المصادر المصرية أن أي محاولة لتهجير فلسطينيين قسرياً من غزة نحو سيناء ستُعتبر تهديدا مباشرًا للأمن القومي المصري، ولذلك توجد خطط جاهزة لرفع مستوى القوات إلى الضعف خلال 72 ساعة ونشر أسلحة ثقيلة وطيران في سيناء إذا طرأ أي دفع قسري لسكان غزة نحو الحدود.

في الوقت نفسه ، جاء التأكيد المصري على تعليمات بعدم استهداف المدنيين الفلسطينيين في حال وصولهم إلى الحدود والتعامل مع أي تدفق بشروط إنسانية واضحة، مع الحفاظ على الاستعداد الكامل لأي سيناريو عسكري.

لماذا هذا أخطر تصعيد منذ سنوات ؟

غياب التواصل القيادي : التقرير يشير إلى أن لا اتصال مباشر بين السيسي ونتنياهو منذ يونيو 2023، أي أننا أمام سنة ونصف تقريبا من انقطاع قنوات القيادة، ما يعني أن آليات تلطيف الأزمات مُتعثرة.

تراكم الاتهامات المتبادلة : تبادل الاتهامات والاتهامات المضادة يجعل كل مناورة أو تسريب مادة قابلة للتصعيد السريع.

تدخل لاعبين خارجيين : لعب الولايات المتحدة ووسائل الإعلام الدولية دورًا في تضخيم وقائع أو تسريبات، ما يضيف بُعداً دولياً للأزمة.

إلى أين نحن ذاهبون؟

الوضع الآن في مرحلة «غليان» – التصعيد الإعلامي والاستخباراتي والسياسي يجعل من السهل أن يتحول نزاع كلامي إلى مواجهة عسكرية فعلية ، خصوصًا مع وجود عناصر متفجرة مثل تحريك قوات أو معدات في سيناء ، أو أي حادث حدودي يتعلق بالطائرات المسيرة أو تدفق جماعي للاجئين.

السؤال الملح : هل نواجه فعلاً احتمالية حرب بين مصر وإسرائيل للمرة الأولى منذ 1973؟

الجواب غير محسوم ، لكن ما هو مؤكد أن فرص التهدئة تتضاءل طالما استمر هذا النسق من الاتهامات والتسريبات وغياب الإتصالات المباشرة بين القادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!