✍️ يوحنا عزمي
لا اعرف اي مشروع سلام عربي إسرائيلي يحمله الرئيس الأمريكي ترامب في جعبته او ينوي ان يطرحه وسط هذا الجحيم الإسرائيلي المتصاعد والذي ينذر بالمزيد من الإبادة الجماعية والدمار الشامل في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة وهو الجحيم الذي بدأ ينتقل من غزة إلي الضفة الغربية.
فكل ما يتردد عن ترامب ، سواء منه مباشرة او من الدائرة المحيطة به ، هو تصميمه علي مواصلة جهوده لاستكمال مشروع السلام الإبراهيمي الذي كان قد بداه خلال فترة رئاسته الأولي ، وحرصه علي ان تكون البداية هذه المرة بسلام تعقده السعودية مع إسرائيل ويكون هو الراعي له .
وهو يعقد آمالا كبيرة علي السعودية التي يضعها علي قمة اهتماماته ويعتبرها ركيزة اساسية من ركائز سياسته المقبلة في الشرق الأوسط وهو يجاهر بذلك ولا يخفيه وربما من اجل ذلك سوف تكون هي الأولي علي جدول زياراته الخارجية وهو أمر لا يمكن ان يحدث جزافا إلا إذا كان قد جري التخطيط مسبقا له بينهما حتي تحقق زيارته الأهداف المرسومة لها ، ولا ادري كيف يمكن ان يتحقق هذا الهدف من زيارة ترامب لها علي أرض الواقع ، اي ان تكون السعودية ، الدولة العربية والإسلامية الكبيرة ، هي بداية انطلاقه إلي تحقيق مشروع سلامه الإبراهيمي المزعوم في ظل الحرائق المشتعلة بهذا المستوي غير المسبوق من الضراوة والعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال حرب الإبادة الجماعية الشاملة التي تواصلها إسرائيل علي الشعب الفلسطيني كله بهدف تهجيره قسريا من دياره لإخلائها منه لاخماد قضيته ومصادرة حقه في إقامة دولته المستقلة إلي الأبد.
وهو ما يتناقض جذريا مع موقف السعودية المعلن رسميا إزاء قضية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل ومع مبادرة السلام العربية التي كانت هي من طرحتها علي قمة بيروت العربية في عام ٢٠٠٢ وبقيت متمسكة بها ولم تغير موقفها منها.
ثم ماذا فيما لو فاجأ ترامب العالم بموافقته علي ضم الضفة الغربية لإسرائيل ، وهو ما سوف يعني نسف شروط السعودية للتطبيع مع إسرائيل من أساسها بإسقاط مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة علي كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة علي حدود الرابع من يونيو عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية ؟
ام ان ترامب ، وهذا امر وارد ، يملك من أدوات الضغط علي السعودية ما سوف يجعلها تتنازل عن شروطها المعلنة وتبحث لنفسها عن سيناريو آخر لإخراج مشروع سلامها المرتقب مع إسرائيل وفق ما سوف يقترحه ترامب عليها حتي يخرجها من الحرج الكبير الذي سوف تجد نفسها واقعة فيه أمام العالمين العربي والإسلامي ؟
واليس من المحتمل ان يكون هذا كله قد جري بحثه فعلا وسوف تأتي هذه الزيارة إلي الرياض لتتويجه ولفتح الطريق أمامه وحتي لا يبدو ترامب أمام العالم وقد فشل في مهمته التي ظل طويلا يراهن عليها ويري فيها المفتاح نحو سلام عربي إسرائيلي شامل سوف يكون نواة لشرق أوسط جديد ومختلف عن هذا الذي نعيش فيه الآن؟
هنالك الكثير من علامات الاستفهام الحائرة التي ما تزال تبحث عن إجابات لها وسط غابة كثيفة من الغموض لكن مع الرئيس ترامب يمكن توقع اي شيئ وكل شيء.