بقلم : ندى يحيى
في كل مرة أردت الكتابة عن ذلك ينتابني التراجع، حيلة مكارة تتقن النفس فعلها لكبح مشاعري تجاه ذلك، ربما لأنني أهاب مواجهة ما أرغب في الكتابة عنه، شعور راكد منذ سنوات أركض منه وإليه طوال الوقت وكلما اقتربت منه ابتلعني غيره لأظل طوال الوقت داخل تلك الدوامة بين ذهاب وإياب، رحلة البحث عن الفرصة الضائعة والذهبية في آن واحد.
أسأل نفسي كل ليلة ما الذي يدفع المرء للتشبث بالأشياء رغم استحالتها؟
هكذا كأن تبحث على إبرة في كومة قش ربما تصبح محظوظ وتحصل عليها ولكن مالعمل إن وجدتها بعد شراء إبرة جديدة سددت بها كل ثقوب ملابسك رممت بها مخاوفك وأعدت بفضلها كل شيء إلى مكانه الصحيح، هل سيبقى الاختيار وقتها لمن عاد بعد غياب وتخطي محطات وطول بحث وانتظار أم للأشياء التي سدت الخلل وأصلحت مالم تفسده؟
سؤال يراود الجميع كل ليلة وهم يقفون أمام فرصهم الضائعة وكل الراحلين الذين عادوا بعد فوات الأوان.
أعلم جيدًا أن المرء يحن دومًا إلى ما يلهث للحصول عليه، الفرص الذهبية واللامعة والظاهرة في النور لا تحمل نفس لذة شقاء البحث عن الماضي وأصحابه.
هكذا خُلقنا ننتظر ما نحصل عليه من الغائبين ونُفلت أيادي الحاضرين بكل سذاجة، وكأن المتعة لم تخلق سوى مع الفرص الضائعة، والحب المستحيل، والأصدقاء الضائعون بين الثقوب السوداء لتلك الحياة.
.جميعنا وقفنا هنا بين الماضي والحاضر واخترنا العودة للألم لنحصل على لذة ما يخرج منه من حب، وتركنا حلاوة الحب بحثًا عن لذة الألم، هكذا تحديدًا مثلما يحدث كل ليلة بين خلايا عقلي التي تحاول ترميم الماضي وفتح صناديقه متجاهلة تمامًا قصور الحاضر التي وضعت أمام عيني.
أنظر لنفسي كل ليلة وأنا أبحث عني، وأقول في نفسي ” ماذا لو كانت الحياة أيسر من كل تلك الصراعات؟
ماذا لو لم يكن هناك ضائعين ومُنحنا جميعًا ما نحب على طبق من ذهب ؟