مقالات

مؤتمر قطر الطارئ : حين تحولت الضربة الإسرائيلية إلى لحظة إختبار للإقليم

✍️ يوحنا عزمي

خرج المؤتمر العربي – الإسلامي الطارئ في الدوحة ببيان صريح أدان الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية ، واعتبره اعتداء سافراً على سيادة دولة عضو وانتهاكاً لكل الأعراف الدولية.

البيان لم يكتف بالتنديد بل وصف ما حدث بأنه عمل وحشي يستهدف زعزعة الاستقرار وضرب الوساطة القطرية في غزة ، في إشارة واضحة إلى أن تل أبيب أرادت أن تبعث برسالة تهديد مزدوجة : إضعاف الوساطة وإحراج قطر أمام حلفائها.

ورغم خطورة الضربة الإسرائيلية ، أكدت الدوحة أنها لن تتراجع عن دورها كوسيط بين حماس وإسرائيل ، وأن مساعيها بالتنسيق مع مصر والولايات المتحدة ستستمر.

الرسالة التي أرادت قطر إيصالها بوضوح للعالم أن الهجوم لن يُسقط وساطتها بل يكشف الحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى ، وهو ما يعكس إصرارا على تحويل لحظة الأزمة إلى فرصة لتعزيز دورها الإقليمي.

المؤتمر شهد تضامنًا عربياً – إسلاميا واسعاً ، إذ أعلنت عشرات الدول دعمها الكامل لسيادة قطر واستعدادها لاستخدام أدوات قانونية ودبلوماسية لمحاسبة إسرائيل على تجاوزها. المواقف هذه تعكس تحولًا من مجرد بيانات شجب تقليدية إلى بحث خطوات عملية يمكن أن تُتخذ بشكل جماعي ، ما يضع إسرائيل أمام معادلة جديدة لم تعهدها منذ سنوات.

المجتمعون صاغوا مشروع قرار جماعي يؤكد أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية يهدد فرص التطبيع والاستقرار في المنطقة ، كما حملت المسودة تحذيرات من أن القفز فوق السيادة الوطنية قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من الصراعات ، تعيد المنطقة إلى أجواء المواجهة المفتوحة بدلًا من الانفراجات السياسية الهشة.

وفي البعد الدولي ، شدد البيان الختامي على ضرورة تحريك الملف داخل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان لفرض محاسبة دولية على إسرائيل ، ورفض المعايير المزدوجة التي تمنحها حصانة سياسية وعسكرية.

القراءة في خلفيات المشهد تكشف أن إسرائيل لم تحقق الردع المطلوب ، بل وحدت العالم العربي والإسلامي ضدها ما قد يزيد من عزلتها ويقيد خياراتها الاستراتيجية.

وفي المقابل ، خرجت قطر من المؤتمر بصورة الدولة المحورية التي لا يمكن تجاوزها ، حتى وهي تحت القصف، وهو ما يمنحها رصيدا سياسيا إضافيا في ملفات غزة وشرق المتوسط والعلاقات مع الغرب.

الأهم أن المؤتمر أعاد تشكيل مشهد إقليمي جديد، إذ للمرة الأولى منذ سنوات تتحدث كتلة عربية -إسلامية بلغة واحدة تجاه إسرائيل ، وهو ما قد ينعكس على ملفات أخرى قادمة.

خلاصة المشهد أن مؤتمر قطر الطارئ لم يكن اجتماعا بروتوكولياً ، بل محطة فاصلة ، لحظة أدركت فيها العواصم العربية والإسلامية أن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء ، وأن الرد لم يعد يقتصر على بيانات شجب باردة ، بل بدأ يقترب من تحريك أدوات الضغط الدبلوماسي والسياسي على الساحة الدولية ، وهو ما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة تماما في الصراع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!