مقالات

موقف كل من روسيا وإيران تجاه ما يحدث في سوريا ومن قيادتها السياسية الجديدة

✍️ يوحنا عزمي

فروسيا علي لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف تعلن صراحة وبلا مواربة أنها علي إتصال مستمر بالقيادة السورية الجديدة وان هناك العديد من مجالات التعاون المشترك بين البلدين في امور التنسيق الأمني والاقتصادي ، وان روسيا مع الحفاظ علي سيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها وانها تقف ضد تقسيمها.

ويقول لافروف ان السفارة الروسية في دمشق تزاول مهامها المعتادة بشكل طبيعي ، ولم يوجه لافروف انتقادا واحدا إلي القيادة السورية ، وبدا متفاعلا بإيجابية مع التغيير الذي حدث.

ووافق احمد الشرع علي وصفه للعلاقات السورية الروسية بأنها علاقات إستراتيجية وتاريخية وأنه يجب الحفاظ عليها وعدم المساس بها او التفريط فيها .. وهو ما قدره لافروف له .. هذه عقلية سياسية ناضجة وتتسم بالمرونة والواقعية وبعد النظر.

أما الحليف الإيراني السابق فكان له موقف سياسي مغاير تماما لهذا الموقف الروسي ، جاء التعبير عنه علي لسان وزير خارجية إيران عباس عراقجي وعضو مصلحة تشخيص النظام وقائد الحرس الثوري الايراني السابق محسن رضائي ، بتصريحاتهم التي تنبض بالعداء للقيادة السورية الجديدة وبرفضهم للتغيير الذي أطاح بنظام حكم الأسد ، وبالتشكيك في قدرة النظام السوري الجديد علي الاستمرار ، وقالوا في نقده ما يجب ان يخجلوا هم انفسهم منه ، وذلك عندما اتهموه بالشمولية وهو ما يزال بعد في أيامه الأولي ، وتناسوا انهم كانوا اقرب الحلفاء لاعنف نظام شمولي وقمعي واستبدادي ربما في العالم ولم نسمع منهم بحقه كلمة نقد واحدة علي مدار اربعة وعشرين عاما ارتكب فيها من الجرائم والفظائع ما سوف يعرفه العالم قريبا علي حقيقته ويحاسبه بلده وشعبه عليه .. ويقولون ، عراقجي ورضائي تمهلوا في حكمكم علي النظام الجديد ، وان المقاومة سوف تعود بعد اقل من عام إلي سوريا من جديد .. ويبشرونهم بذلك ولا نعرف عن اي مقاومة يتحدثون ، وهم آخر من يحق لهم الحديث عن المقاومة ودعم المقاومة وغير ذلك من الشعارات الكبيرة التي لا وجود لها علي أرض الواقع.

هذه التصريحات الإيرانية الرسمية تنم عن شعور عارم بالإحباط والعداء لما يحدث في سوريا من تغييرات وتحولات سياسية فارقة استقبلتها معظم دول العالم بارتياح ، وهي تراهن منذ اللحظة الأولي علي فشل من يمسكون بزمام القيادة في دمشق ، والتأكيد علي ان فشلهم ليس اكثر من مسألة وقت وأنه حاصل لا محالة وأنه جاء ضد رغبة الشعب السوري ، بل ولا تخلوا تلك التصريحات من التحريض ضد قادة سوريا الجدد رغم زعم هؤلاء المسئولين. 

ان إيران لا تتدخل في شئون سوريا الداخلية ، هذا بينما تنطق كل الشواهد بعكس ذلك وتدحضه .. وكأنهم بهذا الموقف العدائي المعلن لنظام الحكم الجديد ، يراهنون من موقع الثقة علي قرب عودة إيران إلي سوريا لإستعادة سيطرتها عليها مرة اخري مع عودة بشار الأسد ونظامه إليها وبإرادة السوريين أنفسهم ، وهو ما يبدو بكل المعايير ضربا من الخيال ان لم يكن ضربا من المستحيل.

لكن هكذا يفكرون في إيران ، وهكذا يرون الواقع بعيونهم هناك وهذا هو الأساس الذي يقيمون عليه حساباتهم وتوقعاتهم وقراراتهم ولو لم تكن هذه هي قناعتهم ، لتريثوا ولامهلوا انفسهم بعض الوقت ولما جاهروا بعدائهم ورفضهم لمن قاموا بإسقاط نظام الأسد إلي هذا الحد. ولكنها سياسة نسف الجسور والأمور ما تزال بعد في بدايتها.   

الروس يكسبون لأنهم مرنون وواقعيون ويعرفون كيف يعدلون بوصلتهم السياسية مع إتجاه الريح ، والإيرانيون يخسرون ، ليس فقط لأن الظروف تقف ضدهم ، ولكن لأنهم في سباحة مستمرة ضد التيار ولا يتعلمون من اخطائهم ، ولو انهم يتعلمون لما كان هذا موقفهم ولكان لهم موقف آخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!